أدت تصريحات المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء حول الموافقة على مشاركة القطاع الخاص فى تطوير السكك الحديدية، إلى إثارة ردود أفعال مؤيدة لهذا التوجه، لإعطاء القطاع الخاص الفرصة للمشاركة فى تحديث البنية الأساسية للهيئة وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين وفقا لأسس اقتصادية، وأيضا تحمل الأعباء المالية اللازمة لتطوير هيئة السكك الحديدية بدلا من الموازنة العامة للدولة.
تحتاج شبكة السكك الحديدية إلى 45 مليار جنيه وفقا لتقدير الدكتور هشام عرفات وزير النقل، من أجل تحويل الإشارات إلى كهربائية وتغيير قضبان السكك الحديدية، وشراء 700 عربة قطار جديدة بإجمالى 420 مليون دولار، و200 جرار بقيمة 12 مليار جنيه، وتكشف تصريحات وزير النقل أنه يسعى إلى توفير بدائل تزيد من أرباح الهيئة وتغنيها فى نفس الوقت عن اللجوء إلى زيادة أسعار التذاكر على ملايين المواطنين لتحمل تكلفة التطوير، حيث ذكر الدكتور هشام عرفات، أن تغيير قضبان السكك الحديدية الجرارات والعربات يساعد على زيادة نقل البضائع وتجنب اللجوء لزيادة أسعار التذاكر، علما بأن الهيئة حصلت على 300 مليون جنيه نظير زيادة نسبة نقل البضائع بنحو 100 ألف طن خلال العام الحالى، فهل تكون خدمات نقل البضائع هى بوابة القطاع الخاص لتطوير هيئة السكك الحديدية؟
نسبة هيئة السكك الحديدية فى تقديم خدمات نقل البضائع لا تتجاوز 1%، وهو ما أكده الدكتور أحمد موسى، رئيس إحدى الشركات الاستشارية المتخصصة فى هندسة وتخطيط تكنولوجيا النقل والمرور، بينما يستحوذ القطاع الخاص على الحصة المتبقية عن طريق مركبات النقل الثقيل، ولكن خدمات نقل البضائع على مستوى الجمهورية لا يمكن أن تستمر بهذه النسبة لعدة أسباب، أهمها أن هيئة مركبات النقل الثقيل غير قادرة على استيعاب حجم الزيادة السنوية على نقل البضائع على مستوى الجمهورية، وفى المقابل تسيير السكك الحديدية خطوطا بطول 5 آلاف كيلو متر داخل المدن، وهو ما يعطيها الأفضلية فى الفترة المقبلة إذا ما كان تطوير قطاع نقل البضائع فى أولويات وزارة النقل بعد الموافقة على مشاركة القطاع الخاص.
وأكد أحمد موسى، أن التصريحات الحكومية الأخيرة تفتح الباب لاستقبال عروض القطاع الخاص للمشاركة فى مشروعات التطوير، خاصة أن الشهور الماضية كانت هناك عروضا عربية وأجنبية للمشاركة فى مشروعات النقل، من بينها عروض إنشاء مناطق لوجستية لتخزين البضائع بالتعاون مع هيئة السكك الحديدية، كما أن قطاع نقل البضائع قادر على جذب استثمارات لا تقل عن 7 مليارات دولار.
وأوضح "موسى"، أن أسعار تذاكر القطارات قد تكون هى العائق الذى يؤرق القطاع الخاص لمشاركة هيئة السكك الحديدية فى خدمات نقل الركاب، حيث سيكون من الصعب المطالبة بزيادة أسعار تذاكر القطارات فى مقابل تولى القطاع الخاص الصرف على أعمال التطوير، ولكن استغلال خطوط نقل المواطنين فى نقل البضائع على مستوى الجمهورية قد يكون هو البديل السحرى المتاح أمام الهيئة لجذب القطاع الخاص، واستغلال عوائد هذه المشروعات فى تطوير قطاع نقل الركاب ورفع كفاءته.
وطالب موسى الحكومة بتقديم ضمانات لتشجيع القطاع الخاص على المشاركة، ومن بينها ضمان استغلال خطوط السير وتوقيع عقود مع شركات نقل البضائع، مشيرا إلى أن هذه المشروعات من الممكن أن ترفع حصة السكك الحديدية فى نقل البضائع من 5 إلى 30 مليون طن سنويا.
وفى ذات السياق، يرى الدكتور إبراهيم مصطفى خبير التمويل والاستثمار، أن السماح بمشاركة القطاع الخاص فى تطوير هيئة السكك الحديدية، من شأنه تحميل القطاع الخاص أعباء التطوير بصيغة تضمن تحقيق المنفعة للطرفين، من بينها الاستغلال الإعلانى لخطوط نقل الركاب أو بيع التذاكر للمواطنين، ولكن على الحكومة تقديم تسهيلات لجذب القطاع الخاص، ومن بينها حرية استغلال محطات القطار فى تقديم الخدمات، لرفع مستوى محطات القطار وكفاءة الخدمات المقدمة.
وكان الدكتور هشام عرفات، وزير النقل، قدر احتياجات تطوير شبكة سكك الحديد، بنحو 45 مليار جنيه، لأن الشبكة لم تخضع للتطوير منذ 70 عاما، رغم زيادة عدد المواطنين المتعاملين مع الهيئة بنحو 10 أضعاف.